قد يلعب الحظ في حياة أحدنا دورا أكثر إيجابية من حظوظ غيره، و يعزو الناس هذا لما يتداوله المؤمن على أنه توفيق إلهي، أو غير المؤمن على أنه حظ ، وبعض ممارسي فنون الطاقة يسمون هذه الظاهرة بالسرندبية، فما هي السرندببية أو الحظوة الكونية؟
في عام 2004 هيئة بريطانية للترجمة صنفت هذه الكلمة (serendipity) على أنها أحد أصعب عشر كلمات للترجمة والتعريف ، فما هي السرندبية؟
كان هناك شاعر هندي معروف بلقب خسرو الدهلوي الحكيم ، عاش في القرن السابع الهجري (1253 للميلاد) وكان له منظومة شعرية عن أسطورة الأمراء الثلاث من سرنديب ، وحكايتهم تدور حول اكتشافهم العديد من الأشياء من غير قصد ، وهكذا السرندبية في الكون تم اشتقاقها لتعني :
الحادث السعيد لمفاجاة تحدث في حياة المرء دون قصد منه تنسجم مع مايبحث عنه في تلك اللحظة
وقد كان أول استخدام للفظة بهذا المعنى في اللغة الانغليزية عن طريق بول هوراس في رسائله التي ألهمته إياها أسطورة الأمراء الثلاث.
وكثيرا ما تحدث السرندبية في مختبرات العلم ، حيث يكتشف العلماء عنصرا كيميائيا وهم يبحثون عن آخر ، أو يتوصلون إلى استنتاج عظيم وهم في أوج العمل على مشروع آخر كاكتشاف البنسلين ضد الأمراض الخطيرة من قبل الكسندر فليمنغ و الذي حدث بتركه طبق البكتيريا العنقودية مفتوحا ، نسيه فدخلت الفطريات داخل القالب وقامت بقتل البكتيريا حولها.
يتحدث الأدب و فنون التشافي في ثقافات مختلفة حول عمل الكون لك حينما تغرق في حب شيء تحبه ، وتعود لك الهدايا الكونية ماثلة بين يديك حينما يكون عقلك و قلبك منسجمين باتجاه ما تود استقباله من الكون وما تبحث عنه بشغف.
وقد يكون الدعاء في الإسلام والأديان الإبراهيمية الأخرى أحد أساليب عمل سرندبية الكون لتنسجم مع ما تريد.
وقد كتب مولر و بيكر مؤسسا شركة get satisfaction كتابا حول فلسفة السرندبية المخططة ، فكيف يمكن أن تفعّل سرنديبك الخاص أو كيف تخطط تفكيرك لتسمح بتسلسل الأحداث تباعا لتحدث المفاجآت الحلوة و غير المتوقعة في دربك ؟ أو كيف تنسجم مع القدرة الإلهية القادرة على أن تجعل سنن الكون تتحرك معك و لأجلك ؟
يقول ماثيو ماي أن بإمكان المرء فعل ذلك من خلال 8 استراتيجيات تختصرها الحكمة السائدة: “الحظ يحالف الجميع لكن أولئك الذين يكونون مستعدين له ويحسنون استثماره في أهدافهم هم وحدهم من يراهم الآخرون على أنهم محظوظين” .
و هذه هي المقترحات التي يقدمها لنا :
1. الحركة : بتوسيع نطاق الحركة الفعلية أو تحركك في مدى المفاهيم التي تعمل عليها … إذا كنت في شركتك اجعل لك ضمن روتينك خمس دقائق لزيارة الأقسام الأخرى ، أو قراءة ربع ساعة مقالا في مجالك ، أو حضور حدث جديد وهكذا.
2. الاستعداد : لتلقي حظك من سلة الكون بالتعلم المستمر في اتجاه فضولك المعرفي عملك عليه و تغذية شغفك باستمرار ولوقت طويل. هناك سحر ذو طعم خفي لسيرك نحو حلم لا يكترث به أحد سواك ولا يلتفت لقيمته التي سيحدثها في العالم غيرك. وهناك طعم مختلف لحياة يقودها شغف من هذا النوع حافل بالخطر والتحدي. الإمام البخاري كان قد جاء من بخارى اوزبكستان إلى مجلس علم في بغداد يقول فيه المتحدث اسحاق بن راهويه يقول : ليت من أحد جمع ماصح من أحاديث النبي في كتاب واحد، يقول البخاري فوقعت في نفسي همة لهذا فاجتهد فأتانا بأعظم كتاب بعد القرآن ، أن تصل البخاري هذه الكلمة وهو يبحث عن عمل يخدم به السنة ، أن يقولها المتحدث في ذلك المجلس، وأن يحضر البخاري مجلسا يبعد عن مدينته الالف الأميال، ويكون مستعدا للعمل عليها فهذه سرندبية.
3. المرونة : في خططك و في اهدافك لتحتوي داىما التغيرات الممكنة
4. الالتزام : لمجموعة محدودة من الاهتمامات فقط من بين الخيارات الكثيرة والالتزام التام بها بشكل يومي شهري سنوي.
5. التواصل: الفعال الصادق مع أشخاص و دوائر مختلفة من الشبكات و الحرص على جودة الصلة وعمقها.
6. النفاذ : بتحطيمك لحواجزك الشخصية من خوف وانعزال عن محيطك، بترحيبك بالمنافسين وتحويلهم لشركاء في قصة نجاحك ، فيسبوك قامت بضم انستغرام إليها مقابل اكثر من مليون دولار وهذا ميال لسرندبية عالية.
7. التوجه: الصحيح بعمق نحو ما تريده ومن تكون ، أو ماتريده شركتك وماتعبر عنه ، التركيز على هذا التوجه بعمق رغم التشتت الذي قد يؤثر على معظم الفاعلين في العالم اليوم ، مجموعة صغيرة ممن يحسنون التركيز يقودون العالم بشركاتهم الضخمة.
8. النية: الهائلة لإرسال طلبك إلى الكون بالفاظ محددة وواضحة و موقنة واستعدادك لهداياه بشكل يومي ، هداياه على شكل أشخاص تلتقيهم ، أفكار تمر بك ، أحداث تعزز غايتك وهكذا.
ولماذا آثرت أن أسميها حظوة لا حظا؟
الحظ في اللغة بختٌ عشوائي يصيبك وقد يصيب غيرك ويخطئك، بينما الحظوة مكانة ومنزلة تشرف إليها ينالك منها نعمة، و في السباحة بين المعيين والفرق الشاسع بينهما ثمة سر يغير من طريقة تفاعل المرء مع عالمه
اللوحة اسمها الأمل و هي من هذا المصدر mad hatter art
لا فض فوك أختي أمان ..استمري في كتاباتك الرائعة…
ممتنة مرورك الكريم الطيب ، أتحف المدونة بآرائك و تعليقاتك فهي بوابة للنقاش وليس فقط للعرض 🙂 حياك